قال دبلوماسيون أوروبيون إن الرئيس المعزول محمد مرسي كان بإمكانه استكمال فترته الرئاسية لو أنه وافق على صفقة سياسية مع المعارضة توسط فيها الاتحاد
الأوروبي في أبريل الماضي، كانت تقضي بتعيين رئيس وزراء جديد خلفًا للدكتور هشام قنديل، وتغيير النائب العام مقابل اعتراف المعارضة بشرعية مرسي، والمشاركة في الانتخابات البرلمانية.
ورفض مرسي وجماعة الإخوان المسلمين عرضًا بتضييق هوة الخلافات العميقة لاقتناعهم بأن نصرهم الانتخابي يمنحهم شرعية كافية للحكم.
وبموجب حل وسط توصل إليه مبعوث الاتحاد برناردينو ليون، بعد أشهر من الدبلوماسية المكوكية، كانت ستة أحزاب علمانية معارضة ستعترف بشرعية مرسي، وستشارك في الانتخابات البرلمانية التي هددت بمقاطعتها.
في المقابل كان مرسي سيوافق على تعيين رئيس جديد للوزراء بدلاً من هشام قنديل، وتغيير خمسة وزراء رئيسيين لتشكيل حكومة وحدة وطنية من التكنوقراط، ويقيل النائب العام ويعدل قانون الانتخابات إرضاء للمحكمة الدستورية.
وقال أشخاص مطلعون على المحادثات إن سعد الكتاتني، رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، ساعد في التفاوض على الاتفاق، لكنه لم يستطع أن يقنع به مرسي وقياديين آخرين بالجماعة.
وقال حمدين صباحي، زعيم التيار الشعبي، إن المعارضة بذلت قصارى جهدها للتوصل الى اتفاق، واقتربت جدًا من هذا لكن في النهاية لم يتغير موقف مرسي.
وأضاف أن الرئيس المعزول طالب بحوار بلا شروط أو طلبات مسبقة أو جدول أعمال أو أهداف.
وقال إن المعارضة تعهدت بالاعتراف الكامل بشرعية مرسي، وخوض الانتخابات البرلمانية لو كان الرئيس وافق على إجراءات بناء الثقة هذه.
كان الاتفاق الإطاري الذي قالت «رويترز» إنها اطلعت على مسودته سيؤيد حصول مصر على قرض من صندوق النقد الدولي قيمته 4.8 مليار دولار تعثرت المفاوضات بشأنه، وكان هذا سيفتح الباب أمام استثمارات ومساعدات اقتصادية أوسع.
وقال وائل هدارة، مساعد الرئيس السابق، إن مرسي أشار إلى أنه سيشرف على تشكيل حكومة ائتلافية في آخر خطاب بثه التليفزيون قبل ساعات من عزله.
وأضاف لـ«رويترز» في رسالة بالبريد الإلكتروني، أن «المشكلة الأساسية التي واجهت مصر كانت العنف والاضطرابات».
وقال متسائلا إنه إذا كانت الانتخابات قد أظهرت الواحدة تلو الأخرى أن أحزاب جبهة الإنقاذ الوطني غير قادرة على تكوين شعبية فلماذا كانت أي حكومة مكونة من هذه الأحزاب ستصبح أقدر على تفادي العنف أو تخفيف حدته.
وأكد فريد إسماعيل، السياسي البارز بجماعة الإخوان، في مقابلة خلال اعتصام لمؤيدي مرسي بعد عزله، أنه شارك مع زملاء له في محادثات مع مبعوث الاتحاد الأوروبي بشأن تسوية سياسية، وقال إنه تم عرض «مشاركة نشطة» على أحزاب جبهة الإنقاذ في تعديل وزاري.
واستطرد قائلا إنه كانت هناك نية مبيتة لرفض كل شيء، إلى أن حدث «الانقلاب العسكري».
وألقت الولايات المتحدة بثقلها وراء مبادرة الاتحاد الأوروبي، ولم تحاول صياغة اتفاق بنفسها، وقال دبلوماسيون إن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري اتصل هاتفيًا بمرسي، في مارس، وأبلغه بدعمه الجهود الأوروبية.
ورافقت السفيرة الأمريكية بالقاهرة آن باترسون المبعوث الأوروبي إلى اجتماع مع مرسي بعد ذلك ببضعة أيام، مما يؤكد تأييد واشنطن المبادرة.
وقال مشاركون في المحادثات إن مرسي لم يرفض مقترح الاتحاد الأوروبي بشكل تام، ولكنه إما كان شديد العناد، أو لم يستطع التوصل إلى توافق داخل قيادة جماعة الإخوان لصالح المبادرة قبل أن تخرجها الأحداث عن مسارها.
وقال أحد المشاركين: «كان هناك اقتراح مفصل وموصف جيدا قبلته جميع عناصر جبهة الإنقاذ الوطني، وتم إرساله لمرسي... لم يصلنا رد قط».
كان الاقتراح محور زيارة قامت بها «أشتون» للقاهرة في 7 أبريل، وعقدت خلالها اجتماعات مع مرسي ومع زعماء المعارضة الرئيسيين. وخلال الزيارة وقعت أعمال عنف طائفي أمام الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة مما أضعف ثقة المعارضة في مرسي وجماعة الإخوان أكثر.
وخلال هذه الزيارة التقت «أشتون» أيضًا بـ«السيسي»، وقال مشاركون إن «السيسي» أيد أيضا المبادرة الأوروبية، وقال إن الجيش لا يريد التدخل في السياسة، وسيرحب بتوافق وطني أوسع.
وقال أحد المشاركين في المحادثات: «بذل الجيش كل ما في وسعه ليستمر مرسي في منصبه».
وقال دبلوماسي أوروبي: «كانت المشكلة الرئيسية انعدام الثقة التام بينهم جميعا».